13.06.2011

تطور مفهوم الأبنية الخضراء

تطور مفهوم "الأبنية الخضراء"

ظهرت في ثمانيات القرن الماضي العديد من الظواهر ذات التأثير السلبي على البيئة المحيطة بنا كتزايد انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، وظهور التقلبات المناخية والأعاصير الغير مألوفة، وتناقص الموارد الطبيعية كالمياه، والعديد من الظواهر الأخرى التي دقت ناقوس الخطر عالمياً، فدفع هذا إلى تزايد النداء العالمي والدعوة لعقد مؤتمرات عالمية يناقش فيها تأثير ومخاطر هذه الظواهر على البيئة والوجود البشري وإيجاد حلول للحد منها.

يؤثر قطاع البناء التقليدي سلباً على البيئة حيث يساهم وحده في الزيادة المستمرة لانبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون بما يعادل حوالي 40 % من إجمالي الانبعاث العالمي من القطاعات الأخرى. هذه الانبعاثات تولد ظاهرة تسمى "الاحتباس الحراري".

يعتقد العديد من الخبراء في مجال البناء والاستثمارات العقارية بأن نمو قطاع البناء و المشاريع الهندسية الاستثمارية سوف يزداد عالمياً بنسبة تقارب 30 % عما هو عليه الآن خلال العقود الثلاث القادمة، ونصف هذه الزيادة سوف تكون ضمن أراضي التنين الأسيوي "الصين" (حسب الاحصائيات حوالي 20 بليون متر مربع سوف تستثمر بالصين عقارياً). هذه الزيادة تؤثر سلباً على البيئة من خلال زيادة انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون ولذلك فإن تطوير مفهوم الأبنية الخضراء ضمن أطر بيئية واقتصادية واجتماعية من أجل احتواء أزمة تدهور البيئة والسيطرة على عملية عدم الاخلال بها أصبح ضرورة لا بد منها.

إلى جانب خطر انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون ظهرت مشكلة قلة المصادر المائية الصالحة للشرب في نقاط كثيرة من العالم والتي بدأت تهدد الحياة البشرية وتضر بالبيئة. هذه الظاهرة بدأت بالظهور متزامنة مع ظهور أزمة التقلبات المناخية الغير عادية عالمياً. يعتقد خبراء البيئة بالاستناد على احصائياتهم ودراساتهم بأن الثلوج المتواجدة على قمة جبال هميلايا سوف تتناقص كثافتها خلال السنوات القادمة وأن المصادر المائية سوف تتناقص أيضاً. ما يزيد الطين بلة هو أن قطاع البناء والاستثمار العقاري يستنزف حوالي 30% من المخزون المائي الصالح للشرب على الأرض وهذا بدوره يدفع إلى ضرورة الإسراع في التطبيق العملي لمفهوم الأبنية الخضراء في قطاع البناء ونقله من حيز الأفكار النظرية إلى واقع التطبيق.

الخطر الثالث يكمن في التطور المذهل للمدن في العقود الأخيرة واتساع رقعتها وازدياد الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة. هذا التطور كان له الأثر السلبي في الامتصاص المستمر للطاقة الكهربائية المنتجة. ولما كانت الطاقة الكهربائية في العديد من دول العالم وعلى الأخص الدول الغير متقدمة كإفريقيا تنتج دون مراعاة للبيئة أو دون الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كان لابد من التطبيق السريع لمفهوم الأبنية الخضراء للتقليل من استهلاك الطاقة ضمن هذا القطاع.

الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة وكندا وأوربا بدأت بالخطوات العملية لتفعيل هذا المفهوم ضمن قطاع البناء وقدمت أيضاً منح ومساعدات للدول الغير متقدمة من أجل اللحاق بالركب ليصبح تطبيق هذا المفهوم عالمياً بمعنى الكلمة ولإنقاذ ما يمكن انقاذه من البيئة وتحسين ظروف معيشة البشر في المستقبل.

إذاً يعرف البناء الأخضر كمصطلح بأنه البناء الذي يحقق استهلاكاً فعالاً ومثالياُ للطاقة والماء ويقلل بالوقت نفسه من التأثيرات السلبية على صحة البشر والبيئة. هذا التحقيق يجب أن يتم التخطيط له على أسس الاستدامة خلال مرحلة وضع المخططات للبناء ومن ثم خلال مرحلة التنفيذ والتشغيل والهدم عند انقضاء العمر الاقتصادي للبناء وهذا ما يسمى بدورة حياة البناء (تخطيط – بناء – تشغيل – هدم وإزالة)